بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى: بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ {117} (سورة البقرة) البديع على وزن فعيل بمعنى مُفعِل ؛ أي مُبدع السموات والأرض . والإبداع : أن تصنع شيئاً على غير مثالٍ سابق ، ومن دون أن تتلقى من أحد معلومة ما . وإذا أردنا أن نبحث فيما يصنعه الإنسان ، فإنه من حيث يريد أو لا يريد ، من حيث يشعر أو لا يشعر ؛ إنه يقلِّد ، فإذا قال صنعت غواصة ؛ فلا شك أنها تقليد غير ناجح للسمكة . وإذا صنع طائرة ؛ فلا شك أنه تقليد غير ناجح للطائر . الحقيقة من معاني البديع : بديع في ذاته ومعنى بديع في ذاته ؛ أيْ لا يُشبهه شيء ، أو ليس كمثله شيء . بديع في خلقه ، فهو خلَق الخلق على غير شكل وعلى غير مثال سابق ، ومن دون أن يُعلِّمُهُ أحد . بديع في أفعاله فالإنسان أحيانا يأخذ احتياطات جمّة لكن يُفاجأ بتصرف لم يكُن في الحسبان . مَن فعل فعْلاً لم يُسبق إليه قيل له : أبدع . وسُميّت البدعة بدعة لأنها لا أصل لها في الدين . نحن في كل أسماء اللّه الحسنى ؛ حظُّنا منها أن نتخلّق بأخلاق اللّه ، إلاّ في هذا الاسم حظُّنا منه ألاّ نبتدع في دينه شيئاً ، سمح لنا أن نبتدع في الزّراعة ، في النبات ، في الحيوان وغيرها ,ولكن بالتأكيد ليس لنا أن نبتدع في التشريع ؛ لأنَّ كل مُحدثةٍ بدعة ، وكُلَّ بدعة ضلالة ، وكُلَّ ضلالة في النار. عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِهَا كَانَ لَهُ أَجْرُهَا وَمِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا لا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعُمِلَ بِهَا كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ لا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا (رواه مسلم)