: عندما عرض لوس انجليس غالاكسي ديفيد بيكهام إلى جمهوره والإعلام في تموز 2007، قدم لاعب منتخب انكلترا نفسه كأنه "مبشر" العصر الحديث الذي سيجلب كرة قدم ذهبية إلى الجماهير الأميركية،
بيكهام في احدى مباريات غالاكسي بالدوري الاميركي
إذ قال: "بعض الناس سيستهزأ مني، ولكن هذه الخطوة ليست بسبب المال"، بعد أن وقع عقدًا لمدة خمس سنوات قدرت قيمته بعشرة ملايين دولار في الموسم الواحد، ولكنه أضاف: "الشيء الرئيس هو تحسين مستوى كرة القدم الأميركية، وأن تكون حقًا جزءًا من التاريخ. اعتقد بأن مستوى كرة القدم في الولايات المتحدة يجب أن يكون أكبر وأهم مما هو عليه الحال الآن". وبعد أقل من سنتين، عاد بيكهام المعار إلى أي سي ميلان الايطالي إلى لوس انجلس غالاكسي في منتصف تموز المقبل ليلعب له في المدة المتبقية من الدوري الأميركي للموسم الذي سينتهي في تشرين الثاني، وبعد ذلك من المؤكد أنه سيفسخ "فقرة الشروط" بحيث يسمح له بمغادرة النادي بعد ثلاثة مواسم.
ومن الواضح أن اللاعب البالغ الـ33 من عمره يتلذذ الآن في اللعب لميلان، ويبدو حرصه على الانتقال إلى سان سيرو محكوم عليه ضمنًا من قبل الدوري الأميركي، ولذا فمن السهولة القول إن الملحمة الأوديسة الأميركية لبيكهام كانت فاشلة، وهذا ما سيتحدث عنه الكثيرون. ولكن إذا تحدثت مع المسؤولين في الدوري الأميركي، وألقيت نظرة على الحقائق والأرقام، فإنه ستبرز قصة مختلفة.
مدافع ليفربول السابق ستيف نيكول هو الشخص المثالي لتقييم تأثير بيكهام. فالاسكتلندي يعيش في أميركا منذ العقد الماضي وهو رئيس المدربين لنادي نيو انكلترا منذ عام 2002، والذي أوضح بأن تأثير بيكهام في الولايات المتحدة كان كبيراً للغاية، على الرغم من أن شعبية كرة القدم كانت تزداد قبل وصوله، إلا أن الناس لم تكن تهتم باللعبة قبل عامين، والآن يعرفون كل شيء عنها بسبب بيكهام. وكان أكبر انجاز حققه كابتن منتخب انكلترا السابق المساعدة في نمو الوعي الوطني الأميركي لكرة القدم.
ويوافق على ذلك البروفيسور أندريه ماركوفيتش من جامعة ميشغان، مؤلف كتاب "التسلل: كرة القدم والاستثناءات الأميركية"، الذي يبحث عن سبب عدم إرتقاء كرة القدم في الولايات المتحدة مثل بقية أنحاء العالم. والذي أكد أن بيكهام حوّل كرة القدم إلى الكلام في كل بيت أميركي ولا يستطيع أحد انكار ذلك.
بيكهام بقميص غالاكسي
يضيف ماركوفيتش ان بيكهام خلق ضجة كبيرة، حيث لا يمكن لأحد أن يضاهيه في ذلك ولا حتى ليونيل ميسي أو كاكا، وعندما وصل بيكهام إلى الولايات المتحدة كانت هناك إعلانات كبيرة له في الملابس الداخلية على جانبي الشارع. وكان لزوجته فيكتوريا برنامجاً تلفزيونياً خاصاً بها وكانا زملاء لتوم كروز وزوجته كيتي هولمز، وكانت صوره على أغلفة مجلات رياضية، وتأثيره كان هائلاً أينما ذهبت فقد تشاهد الناس تتحدث عنه، وعندما تشاهد التلفزيون فإن هناك برامج حوارية عنه وعندما تقرأ صحف محلية فهو هناك. لقد أنشأ آثارًا كبيرة متتالية.
وهذا كله كان له تأثير كبير على جمهور الدوري الأميركي، فعندما سافر غالاكسي إلى نيويورك ريد بولز في 18 آب 2007 بعد وقت قصير من انتقال بيكهام إليه من ريال مدريد، سجل الدوري رقماً قياسياً بحضور 66237 مشجع حشد في "جاينت ستوديوم" لمشاهدة فوز غالاكسي المثير 5-4 على أصحاب الأرض.
وكان متوسط حضور أنصار لوس انجليس غالاكسي في العام الماضي 26.009 ألف مشجع، أي بزيادة مثيرة قدرت نسبتها بـ24.9 في المئة عن 2006، في حين أن متوسط الحضور لمباريات الدوري الأميركي ككل ارتفع بنسبة 6.9 في المئة في الفترة ذاتها.
أحد عشر ناديًا من أصل 13 ناديًا سجلت أكبر حضور لمشجعيها في 2008 عندما كان بيكهام يلعب لغالاكسي. وكان لكابتن منتخب انكلترا السابق تأثير كبير من النوع الذي طالب معظم المشجعين بإعادة مبالغ التذاكر إذا لم يكن بيكهام يشارك في تلك المباراة. وكذا كان تأثيره على التلفزيون كبيراً ومهماً، إذ أن متوسط ارقام محطة "شبكة الرياضة والبرامج الترفيهية" (ESPN) ارتفعت بنسبة 23 في المئة إذا كان لاعب خط الوسط يشارك في المباراة. ومع ذلك فإن أعداد مشاهدي هذه المحطة لمباريات الدوري الممتاز ما زالت متواضعة للغاية، فهي بمعدل 253 ألف شخص